تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  ثم ظاهر الآيات المتقدمة وغيرها، فهو أولى بالقبول وبالبقاء على الظاهر من حديث أنس وجابر.
  الوجه السابع: أن أخباركم تدل على أن شفاعته ليست إلا لأهل الكبائر، وهذا غير جائز؛ لأن شفاعته ÷ منصب عظيم، وتخصيصها بأهل الكبائر يقتضي حرمان أهل الثواب منها، وذلك غير جائز، فلا أقل من التسوية، مع أنها معارضة بما مر من ثبوتها للمؤمنين، وهذا الوجه يمنع من إجراء أخباركم على ظاهرها.
  الوجه الثامن: أن هذه الأخبار محتملة للتأويل، فنحو حديث: «شفاعتي لأهل الكبائر وللمذنبين من أمتي ولمن مات لا يشرك بالله شيئًا» وما أدى إلى هذا المعنى مأول بأهل التوبة، فيقال: شفاعته لهؤلاء بعد التوبة؛ إذ يكون ثوابهم قليلًا؛ لتقدم المعاصي منهم، فيشفع لهم ÷ حتى يقاربوا أهل الطاعات، وقيل: تأثير الشفاعة في أن يتفضل الله عليهم برد ما انحبط من ثواب الطاعة، وقد قيل في تأويل حديث «شفاعتي لأهل الكبائر ...» إلخ: المراد منه شفاعتي لأهل الكبائر؟ بهمزة الإنكار، كما قيل في قوله تعالى: {هَذَا رَبِّي}[الأنعام: ٧٦] أي أهذا ربي، وقد روى بعض المعتزلة الحديث بالتصريح بالهمزة، لكن يرفع هذا التأويل بسائر الأخبار، ومنهم من قال: إن لفظ الكبيرة غير مختص بالمعصية، لا في اللغة ولا في الشرع، فيتناول الطاعة، وعليها يحمل الحديث، فيقال: الشفاعة لأهل كبائر الطاعات، وفيه ما مر. وأما سائر الأخبار فيقال في تأويلها: المراد بها من مات على التوبة، وما في بعضها