مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى: [استطراد في ذكر الظالم]

صفحة 3705 - الجزء 6

  قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ٥١ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٥٢}⁣[البقرة]

  العفو: محو الجريمة، من عفاه إذا درسه، وفي الآية مسائل:

المسألة الأولى: [استطراد في ذكر الظالم]

  قد تقدم معنى الظلم، والمراد هنا أنهم قوم عادتهم الظلم، وأنهم ظلموا أنفسهم بإشراكهم، حيث اتخذوا العجل إلهًا؛ والمكلف إذا فعل ما يؤديه إلى العقاب سمي ظالمًا لنفسه. وفي هذه الجملة دليل على أن المعاصي ليست بخلق الله تعالى؛ لأنه نسب الظلم إليهم وذمهم عليه، ولا يحسن ذم من لا يفعل ما يوجب الذم. وفيها دليل على أن الله تعالى لا يريد المعاصي؛ إذ لو أرادها لكانوا مطيعين له تعالى بفعلها؛ لأن الطاعة عبارة عن فعل المراد.

المسألة الثانية [دلالة الآية على وجوب قبول التوبة]

  قيل: في قوله تعالى: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ}⁣[البقرة: ٥٢] دليل على أن قبول التوبة غير واجب عقلًا؛ لأن الله تعالى عد هذا العفو المرتب على التوبة المأمور بها بقوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ}⁣[البقرة: ٥٤] من جملة النعم