مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}

صفحة 3751 - الجزء 6

  سؤالها في الدنيا مستنكرًا، أو لأنه لو رؤي الله في الدنيا لزال التكليف بالمعرفة؛ لأن الرؤية تتضمن العلم الضروري، وهو ينافي التكليف، أو لأنه قد ثبت صدق المدعي للرسالة بالدليل، فكان طلب الزيادة في الدلالة تعنتًا، والمتعنت يستحق الذم والتعنيف، أو لأن الله تعالى قد علم أن في منع الخلق عن رؤيته في الدنيا مصلحة، فلذلك استنكر طلبها، كما أنه لما علم أن في إنزال الكتب والملائكة مفسدة استنكر طلبه.

  والجواب: أن أبا الحسين لم يدع أن طالب كل ممكن لا يكون عاتيًا، ولا ادعى أن كل ما استعظم سؤاله ووصف سائله بالعتو ونحوه يكون ممتنعًا لذاته، وإنما ادعى أن الظاهر فيما كان كذلك أنه ممتنع في نفسه إلا لدليل، وقد صرح بهذا في قوله: ترك العمل به في إنزال الكتب لدليل. قوله: ولم تعتمد إلا على ضرب الأمثلة ... إلخ.

  قلنا: لم تعتمد عليها، وإنما ذكرناها لتصوير المسألة وتحقيقها، والاعتماد إنما هو على ما يقتضيه الظاهر.

  قوله: لم قلت: لما كان طالب ذلك الممكن غير عات ... إلخ.

  قلنا: لم نقل بوجوب كون طالب الممكن غير عات إذا ثبت قبحه عقلًا وشرعًا، كما يفيده قوله: ترك العمل به في إنزال الكتب لدليل، فإنه إنما أراد أنه ترك العمل بالظاهر في كون إنزال الكتب ممتنعًا لنفسه للدليل، ولا دليل في الرؤية، فبقيت على الامتناع لذاته، ولم يرد أن سؤال إنزال الكتب ليس من العتو؛ لأن الظاهر التوبيخ عليه، وذلك يقتضي قبحه، ولعل وجهه أن في إنزال الملائكة والكتب المخطوطة