مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى: [دلالة الآية على امتناع رؤية الله تعالى]

صفحة 3763 - الجزء 6

  ثنا ليث، عن محمد بن عباد، عن أبيه، عن زيد بن ثابت قال رسول الله ÷: «نضر الله امرأّ سمع مقالتي فبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه». وأخرجه الترمذي.

  وأخرج أحمد وابن ماجة عن أنس عن النبي ÷ أنه قال: «نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه». وقد روي الحديث في بعض كتب الأصول بلفظ: «ثم أداها كما سمعها».

  وبيان الاستدلال به أن أداء الحديث كما سمع إنما هو بنقل لفظه، وأيضًا، قوله: «ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» يقتضي أن المنقول إليه اللفظ قد يستفيد ما لا يستفيده الراوي، فيجب نقل اللفظ بعينه لذلك.

  قلنا: من نقل المعنى فقد أداه كما قد سمع؛ لأنه المقصود من الكلام⁣(⁣١)، والفائدة تحصل بالمعنى كاللفظ؛ إذ الفرض أن الناقل عدل عارف؛ ثم إن الحديث ليس فيه دلالة على الوجوب، وإنما فيه الدعاء لمن حفظه إلى أن يبلغه.

فائدة [في معنى نضر الله]

  قوله: (نضر الله) أي نعمه، يروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق. وذهب الأكثر إلى جواز الرواية بالمعنى للعارف بمواقع الألفاظ؛ إذ لا دليل على المنع؛ لبطلان ما احتج به المخالف كما مر، وإذا بطل أحد القسمين ثبت الثاني؛ لأنهما


(١) ولهذا يقول المترجم: قد أديت كما سمعته. تمت. مؤلف.