مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}

صفحة 3800 - الجزء 6

  في العمليات، وكما تدعون في بعض أدلة الوعد⁣(⁣١)، فإذا جاز تأخير البيان هنا جاز مثله هنالك.

  قلنا: نحن نقول: إنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة في العمليات والعلميات، إلا أن وقت الحاجة في العمليات هو وقت العمل، فيجوز تأخير البيان إليه وإن تقدم الخطاب، ووقتها في العلميات هو وقت الخطاب، فلا يجوز تأخير البيان عنه، وأما قولنا بالإجمال في بعض أدلة الوعد فإنما أردنا أنها ليست صريحة في مطلوب الخصم، كقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}⁣[النساء: ٤٨] مع قولنا ببيانها بآيات التوبة، وقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ}⁣[النساء: ٣١]، كما سياتي، فلم ندع بقاءها على الإجمال.

  قالوا: يلزمكم فيما دلالته ظنية من المفاهيم والمشترك أن يكون كذلك؛ إذ لا فرق بين ظاهر ومفهوم.

  قلنا: لا يلزمنا ذلك إلا لو قلنا: دلالة العام فيما نحن فيه ظنية، حتى يقاس عليها سائر الظنيات، ونحن لا نقول بذلك، بل قلنا: إن دلالته قطعية، كما مر؛ على أنا نقول: ما قام الدليل القاطع على اعتباره من المفاهيم، ووجدنا دلالته فيما المطلوب فيه الاعتقاد، ولا قرينة تصرف عن ظاهره وجب القول بأن دلالته قطعية؛ إذ اقتضاء خطاب الحكيم الذي لا يجوز عليه الإلغاز والتلبيس.

  وأما المشترك فقد صرح أصحابنا في الاستدلال على إمامة


(١) كقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}. تمت. مؤلف.