مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}

صفحة 3803 - الجزء 6

  بالضرورة من عادة أهل اللسان قبح ذلك، ونعلم حسن ترتيب الجزاء على الشرط بدون هذا الاستفهام، فدل على عدم الاشتراك.

  الوجه الثاني: حسن استثناء كل واحد من العقلاء من نحو هذا التركيب، وقد مر إقامة البرهان على هذا فى الأولى من مسائل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة].

  فإن قيل: قولكم يحسن استثناء كل عاقل ممنوع، فإنه إذا قال: من دخل داري فأكرمه لم يصح منه استثناء الملائكة، والجن، واللصوص، وهذا معلوم.

  قيل: قد أجاب عن هذا السيد مانكديم، فقال: أما الملائكة والجن فلا قدرة له على إكرامهم ولا على إهانتهم؛ فلهذا لم يحسن منه أن يستثنيهم، ولهذا فإن القديم تعالى لما قدر عليهم وعلى إكرامهم وإهانتهم صح أن يقول: من أطاعني أكرمته عاجلًا وأثبته أجلًا، إلا الملائكة، فإني أؤخر إكرامهم وإثابتهم إلى دار السلام، وكذا يصح مثله في الشياطين، فيقول: من عصاني أهنته عاجلًا، وعاقبته آجلًا، إلا الشياطين، فإني أؤخر عقوبتهم إلى دار الآخرة.

  قال: وأما اللصوص فإنما لم يحسن منه استثناؤهم؛ لأن المعلوم من حاله أنه لا يكرمهم، فهو في غنية عن التلفظ به، فلو كان الرجل ممن يأوي إليه اللصوص ويكرمهم لصح منه هذا.

  قلت: كلامه # في الملائكة، والجن يحتمل أنه أراد أنهم مخصوصون بالعقل قطعًا، وما علم مخصصه فلا يحسن التصريح