تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}
  باستثنائه؛ لأنه يكون تطويلًا عريًا عن الفائدة؛ ويحتمل وهو الأظهر كونه بناه على ما ذهب إليه بعض المتكلمين من منع التخصيص بالعقل، ومن حججهم على ذلك أن التخصيص هنا لا يتصور؛ لأن ما نفى العقل حكم العموم عنه لا يتناوله العام؛ لأنه لا تصلح إرادته؛ والتخصيص بالعقل قد مر الاحتجاج عليه. وذكر الخلاف في الثالثة من مسائل قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ...}[البقرة: ٢٠] الآية.
  وأما كلامه في اللصوص فمعناه أنه قد علم المخصص من العرف والعادة، وما كان كذلك فلا فائدة بالتصريح بذكره؛ لحصول العلم به من دون لفظ. والله أعلم.
  الوجه الثالث: فهم السلف العموم من هذه الألفاظ، وتمسكهم به، وذلك معلوم؛ وقد مر تقريره في غيرها من ألفاظ العموم.
  واعلم أن (من) و (ما) في الاستفهام ومثلهما (أين) و (متى) ونحوهما للعموم؛ ودليله ما مر في كلم المجازاة؛ وتقريره هنا أنه إذا قال: من عندك فإما أن يقال: هي للخصوص وهو باطل؛ لأنه لو كان كذلك لما حسن أن يجيب بذكر كل العقلاء؛ لأن الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسؤال، لكن لا نزاع في حسن ذلك، وإما أن يقال: هي للاشتراك، وهو باطل أيضًا، وإلا لما حسن الجواب إلا بعد الاستفهام عن جميع الأقسام الممكنة، فإذا قال: من عندك؟ فلابد أن يقول: عن الرجال أو النساء؟ ... إلى آخر ما مر؛ وذلك لأن اللفظ