تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}
  قلنا: بل يتأتى فيهما؛ سلمنا، قوله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ ...}[الزخرف: ٧٤] الآية كلام نام مستقل بنفسه، فدخول التخصيص في آخره لا يمنع عمومه، كما مر.
  قالوا: الآية ليست على ظاهرها، وإلا لزم وقوع العقاب في الحال؛ لأن كلمة (إن) لتحقيق الخبر في الحال، والمعلوم أنه لا يقع في الحال، وحينئذٍ فلابد من التأويل، ولستم بأولى به منا، فنحمله على الاستحقاق.
  قلنا: (إن) كما ترد لتحقيق الحال فقد ترد لتحقيق الخبر في المستقبل، بل تحقيقه في المستقبل أحوج إلى التحقيق من الحال؛ لأن العلم بوقوعه يغني عن التأكيد بها؛ ويدل على ورودها للتحقيق في المستقبل قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[النحل: ١٢٤]؛ ثم إن في الآية لفظ الخلود، وهو ينافي ظهورها في تحقيق الخبر في الحال، ويصرف عنه. قوله: فنحمله على الاستحقاق.
  قلنا: ممنوع؛ لما مر من أنه إذا تعذر الحمل على الحقيقة عدل إلى أقرب المجازين منها، والحمل على وقوع العذاب في المستقبل أقرب إلى الحال من الاستحقاق؛ لاشتراكهما في الوقوع، لا سيما مع نصب القرينة المعينة للمجاز الأقرب، وهو ذكر الخلود؛ هذا على فرض كون كلمة (إن) ليست حقيقة في المستقبل، كيف وقد بينا استعمالها فيه كالحال. ومن ذلك: قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء: ١٢٣]؛ ودلالة هذه الآية على نفي الإرجاء قطعية؛ لأنها نزلت ردًا على من أرجأ من المسلمين واليهود.