مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}

صفحة 3815 - الجزء 6

  قيل: هذا يزيد الإلزام تأكيدًا لأنا ألزمناكم على مقالتكم التوقف في أمر مقطوع به لحصول ما جعلتموه علة في التوقف؛ على أن النبي ÷ يجوز مثل ما جوزتموه في هذه الآيات، فمن أين علم أن وعيد الكفار مقطوع به؟

  فإن قالوا: اضطر⁣(⁣١) إلى قصد جبريل نقلنا الكلام معهم إليه، فقلنا: كيف علم جبريل ذلك؟ فإن قالوا: اضطر إلى قصد الله تعالى.

  قلنا: ممنوع مع بقاء التكليف، وكيف يعلم قصده تعالى ضرورة وهو لا يعلم ذاته جل وعلا إلا دلالة؟

  قالوا: علمه جبريل؛ لأن الله تعالى زاد الكلام تأكيدًا حتى قطع بالمراد؛ لأجل ذلك التأكيد.

  قلنا: التأكيد معرض للاحتمال، فكيف يمكن ذلك؟ وهذا لا محيص للمرجئة منه؛ على أنه لو فرض أن الأمر كما قلتم فلم نقطع بعذاب الفاسق لأجل التخويف والزجر.

  قال القرشي: بل لأن العفو يكشف كون هذه الأخبار كذبًا إن كان أراد ظواهرها، وإلغازًا وتعمية إن أراد غير ظاهرها ولم يدل عليه، وعبثًا إن لم يرد شيئًا أصلًا.

  قلت: ولأجل هذا قال أصحابنا بقبح إخلاف الوعيد، وقد مر في الوجه الثاني بعد الشبه السبع في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] إقامة الدليل القاطع على أنه لا يجوز


(١) أي علم أنه قصد بها الكفار ضرورة. تمت. مؤلف.