مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعل

صفحة 3945 - الجزء 6

  الاعتراض الثاني:

  قالوا: ما المانع من أن تكون بعض الأجسام يقدر على بعض لذاته؟

  فإن قيل: منع من ذلك تماثلها.

  قيل: لا نسلم التماثل.

  والجواب: أنا قد دللنا على التماثل وحققنا معناه فيما سلف في كتابنا هذا بما يغني عن التطويل هنا.

  الثالث: لا تسلم أن القادر بقدرة لا يصح منه خلق الجسم ونحوه؛ لأنكم جعلتم العلة في تجانس مقدورات القدر كونها قدرًا، وكونها قدرًا ليس بصفة لها؛ لاختلافها في الذوات والصفات الذاتية والمقتضاة، ولا هو حكم أيضًا وإلا لوجب من الاشتراك فيه الاشتراك في مقتضيه وهي الصفة المقتضاة أو الذاتية، وقد علم خلافه، وإذا لم يكن كونها قدرًا أمرًا وجوديًا زائدًا على ذواتها بل مجرد تسمية لم يصح علة مؤثرة في الحكم وهو التجانس. وهذا الاعتراض أورده الإمام المهدي.

  الرابع: أن هذا القياس لو صح فإنما يفيد الظن لا القطع؛ لجواز أن يكون هذا الحكم مما لا يعلل، ومن مذهبكم أن كثيرًا من الأحكام لا تعلل، ولو سلم أنه معلل فيجوز أن يكون معللًا بغير ما ذكرتم، ولا يجب في الأحكام المشتركة أن تكون معللة بعلل مشتركة، فإن القبح حكم مشترك بين الظلم وغيره، وهو معلل في الظلم بكونه ظلمًا، والكذب بكونه كذبًا، وفي الجهل بكونه جهلًا، ولو سلم وجوب ذلك فلا نسلم أنه لا مشترك إلا كوننا قادرين بالقدرة؛ لجواز أن تكون