مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعل

صفحة 3946 - الجزء 6

  هذه القدرة التي لنا مشتركة في وصف معين، وتلك القدرة التي تصلح لخلق الجسم خارجة عن هذا الوصف، ولو سلم أن العلة ما ذكرتم فيجوز أن تكون هي مع خصوصية في الأصل لم توجد في الفرع، ويجوز أن يكون ثم مانع في الفرع عدم في الأصل، ولا سبيل لكم إلى دعوى القطع في شيء من ذلك، والمسألة قطعية لا يكتفى فيها بالظن وهذا الاعتراض ذكرته الأشاعرة.

  الخامس: أن يقال: قد جعلتم القدر مختلفة في ذواتها وصفاتها، ومن الجائز أن يكون ثم قدرة من أحكامها صحة إيجاد الأجسام بها، فإذا أراد الله في جسم إيجاد جسم خلق فيه تلك القدرة، ولا يلزم أن تشاركها غيرها من القدر؛ لثبوت الاختلاف بينها. وهذا الاعتراض أورده أبو الحسين.

  واعلم أن هذه الاعتراضات الثلاثة واردة على دليل الجمهور، ولأجلها عدل الإمام المهدي إلى الدليل الأول.

  قلت: ويمكن أن يجاب بأن هذا تشكيك في مقابلة العلم، ولا يبعد دعوى الضرورة في امتناع إيجاد جسم بجسم آخر، ولو جاز ذلك لجاز من الساحر أن يخلق لنفسه المال والبنين، والمعلوم خلافه.

  الوجه الثاني مما احتج به الأولون: أنا لو جوزنا كون للسحر حقيقة وتأثير لتعذر الاستدلال بالمعجزات على النبوة؛ لأنه لا يمكننا القطع بأن هذه الخوارق التي ظهرت على الأنبياء صادرة عن الله تعالى، بل يجوز أن مدعي النبوة أتى بها من جهة السحر.