مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعل

صفحة 3947 - الجزء 6

  قلت: وقد يقال: الفرق بين المعجزة والسحر جلي.

  الوجه الثالث: قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٠٢]. واعترض بأن هذا لا يدل على المدعى، فإن النار لا تحرق إلا بإذن الله. ولا يدعى للسحر أكثر من ذلك، بل الفاعل المختار لا يفعل إلا بإذن الله.

  الوجه الرابع: أن الله سماه خيالًا، فقال: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ٦٦}⁣[طه]، والخيال لا حقيقة له. واعترض بأنه أنواع منه: ماله حقيقة، ومنه: ما هو تخييل، فالآية تصدق في نوع، ولا تنفي آخر.

  احتج أهل القول الثاني وهم القائلون بأن للسحر حقيقة بوجوه:

  أحدها: أنه قد يكون سببًا لحصول الضرر، كالقتل وتغيير العقل، وهذا معلوم، وقد قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٠٢]، والاستثناء يدل على حصول الآثار بسببه.

  الوجه الثاني: ما روي أنه ÷ سُحِر وأن السحر عمل فيه، وقال: «إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله» وأن سحره كان في مشط، ومشاطة وخف طلعة ذكروا، وأنه في بئر، وأن البئر دفنت وذلك فيها، وأنه لم يخرجه؛ لئلا تثور على الناس منه شرة. أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، من حديث عائشة؛ وهو صريح في أن السحر أشياء دفنت ثم أخرجت، والتأثير للنبي ÷ وقع بسببها.

  الوجه الثالث: ما أخرجه أحمد، وابن جرير، والحاكم وصححه، وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن، عن عائشة أنها قالت: قدمت