تفسير قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير 106}
  أعني الشمس والريح. وإلى الشمس والريح وكذلك(١) لاختصاصهما بذلك التأثير.
  سلمنا أن أهل اللغة أخطأوا في نسبة النسخ إليهما، لكن متمسكنا إطلاقهم لفظ النسخ على الإزالة، وإلا [......](٢) تتبع الوضع، والواجب إتباعهم في التسمية، لا في الاعتقاد.
  قال بعض أئمتنا: ولا يمتنع أن يكون وصفهم للشمس والريح بالإزالة مجازًا، لكن ذلك لا يوجب كون وصفهم للإزالة بأنها نسخ مجازًا؛ إذ لا تنافي بينهما فيستحيل اجتماعهما، يعني إنا وإن سلمنا أن نسبة الإزالة إلى الشمس والريح مجاز لأن المزيل حقيقة هو الله تعالى فذلك لا يوجب كون تسميته مطلق الإزالة نسخًا مجازًا.
  القول الثاني: أن النسخ اسم للقدر المشترك بين الإزالة والنقل، وهو كون الشيء خالفًا لغيره؛ ووجهه أنه قد استعمل في المعنيين.
  قال ابن فارس: كل شيء خلف شيئًا فقد نسخه، يعني سواء أزاله أم لم يزله، ومن الأول: تناسخ الأزمنة والقرون، ونسخت الشمس الظل، ومن الثاني: تناسخ المواريث، والأنفس عند من قال به.
  القول الثالث: أنه مشترك بينهما. وهذا قول أبي طالب، والشيخ الحسن، والغزالي، والباقلاني، ونسبه بعضهم إلى الأكثر؛ واحتجوا بأنه قد ظهر استعماله في المعنيين، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فكان مشتركًا. وفيه أن الاشتراك خلاف الأصل.
(١) أي حقيقة. تمت.
(٢) بياض في الأصل.