المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]
  بعدم الفارق، وإنما غايته الظن الذي الأصل منعه ما لم يدل على الاستغناء به دليل، فدعه {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]، {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨] {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات: ١٢] فما يؤمننا أن يكون هذا منه، وما لم تلجئنا الضرروة العقلية فلا علينا أن نكل أمره إلى خبر الشرع، ونذعن له بالطاعة والسمع، فكل ما لم تضطرنا إليه الضرورة العقلية، فنحن فيه سمعية، يقال: وهذا أوسط الأمرين بين تفريط الأشاعرة، وإفراط المعتزلة.
  قلت: وهو بحث نفيس، إلا أن ظاهر قوله إنه إنما يحكم بقبح ما أدرك العقل قبحه بضرورته إلى آخره يقتضي أن القبح يكون لا لعلة، وهو يناقض قوله فيما نقلناه عنه في تأويل كلام البغدادية من أن الفعل لا يقبح إلا لوقوعه على وجه مخصوص؛ ولو قرر كلامه هذا الباهر في عدم إدراك العقل قبح الكذب المتضمن لسلامة نبي بما ذكره الإمام المهدي # من أن علة قبح الكذب الذي يعلم بضرورة العقل مركبة من إثبات، ونفي(١) وأن ما عداه شرعي، لكان أولى ليسلم من إيهام المناقضة، ولا لوم عليه بموافقة إمام من أئمة الهدى.
الموضع الثالث: في شبه المخالف
  وقد عرفت مما سبق أنهم متفقون على أنه لا يقبح من الله تعالى مايقبح من غيره، ثم اختلفوا في علة ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول للأشعرية ومن وافقهم، وهو أن الفعل لا يقبح إلا لنهي الشارع والباري تعالى ليس بمنهي فلا يقبح منه ما يقبح من غيره،
(١) وقد مر تقريره قريباً. تمت مؤلف.