مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 643 - الجزء 1

  كما لم يقبح من الله تعالى، ولو اختل قيد مما نبهنا عليه لقبح من الله تعالى كما يقبح منا.

  والجواب عن المثال الثالث: أنه قد تقدم أن الله إنما كلف عباده ليعرضهم على خير لا ينال إلا بالتكليف، وهو الثواب والثواب لا يجوز التفضل به؛ لتضمنه تعظيم من لا يستحق التعظيم وهو قبيح، وإنما قلنا: إن التفضل به متضمن لذلك؛ لأن حقيقة الثواب المنافع المستحقة على جهة الإجلال والتعظيم؛ وأما قبح تعظيم من لا يستحق التعظيم فهو معلوم، فإنه يقبح منا تعظيم الصبي، والمجنون، وأسافل الناس، والأجانب منهم كتعظيم الأنبياء والعلماء، والأئمة، والوالدين، والرؤساء، وأن من فعل ذلك فإنه يستهزأ به، ويسخر منه، وليس ذلك بمواضعة ولا غيرها؛ لأنا لو قدرنا ذلك فيمن لا يعرف مواضعة الناس، ولا عاداتهم، فإنه يعرف بعقله قبح تعظيم الأجنبي الذي لا يرجو نفعه، ولا يخشى ضره كتعظيم من ذكرنا ضرورة.

  نعم والمجبرة يخالفون في هذه المسألة، ويحكمون بحسن التفضل بالثواب بناء على أصلهم الفاسد⁣(⁣١).

  واعلم أن النعم على مراتب، فمنها ما يحسن التفضل به ابتداء، وذلك ما لا يكون على جهة التعظيم كخلق الحي، وخلق حياته، ورزقه، وعقله ونحو ذلك، وهذا لا يحسن توقفه على المشقة؛


(١) وهو منع الحسن والقبح العقلي. تمت مؤلف.