قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  في القدر، ونعني بالعوض أنه عوض على ما نالهم من الألم، ونقص العقل في المجنون، ولو لم يكن عوضهم إلا على مقاسات ألم الموت، وقد مر أن وجه حسن إنزال الألم بهم اللطف والاعتبار لغيرهم، فتأمل يظهر لك عدم ورود هذا المثال على مسألة التحسين والتقبيح.
  والجواب عن المثال الرابع أنه قد تقدم أن ابتداء الخلق تفضل، والمتفضل بأمر لا يجب عليه دوامه، وكذلك هو متفضل على الأطفال بتبقية أبيهم إلى وقت موته، ولا يجب عليه دوام ذلك التفضل، وإلا خرج عن كونه تفضلاً، وليس كذلك الواحد منا، فإنه لا تفضل له على أبيهم ولا عليهم، ولا له في قتله حق فكان ظلماً، وأيضاً قد مر حسن التكليف، أو وجوبه، وقبح الإهمال، وقد ثبت أن الله وعد المكلفين بالجنة إن أطاعوا، وتوعدهم بالنار إن عصوا فلا بد من انقطاع التكليف بالموت والفناء؛ إذ لو اتصل الجزاء بالتكليف لكان المكلف ملجأ، والإلجاء ينافي التكليف.
  والجواب عن المثال الخامس من وجهين:
  أحدهما: أن هذا المثال قد أوردوا معناه في مسألة تكليف من علم الله أنه يكفر ويموت عليه، وأنكروا أن يكون ذلك نعمة وإحساناً، وسيأتي الكلام مستوفى في بيان حسن هذا التكليف، ومنه يؤخذ جواب هذا المثال.
  الثاني: أنه مباين للتكليف؛ لأن الواحد منا إنما قبح منه ذلك؛ لأن تخليته بين عبيده وإمائه مجردة عن الصارف عن القبيح من الوعد