مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 656 - الجزء 1

  قلت: ويؤيد القول بأن الخلاف لفظي أن الإمام المهدي # أطلق القول بأنه يحسن الفعل منا ومن الله تعالى لوقوعه على وجه من كون فيه غرض صحيح مع تعريه عن وجوه القبح عن المعتزلة، ولم يذكر بينهم خلافاً.

  قال #: ومعنى حسنه أن له أن يفعله، كما أن معنى القبح أن ليس له أن يفعله. ثم احتج لهم بأنا نعلم بضرورة العقل حسن إرشاد الضال، وإنقاذ الغريق، والإحسان إلى الغير، والملحدة يعلمون ذلك، ومتى علمنا الإحسان علمنا حسنه، وإن جهلنا ما جهلنا، ومتى لا فلا، فكان ذلك هو المقتضي لحسنه؛ لأن وقوعه عليه وجوداً وعدماً يقتضي تأثيره فيه؛ لأن ذلك هو الطريق إلى العلل، والأسباب، والشروط.

  قال النجري: فإن قيل: ذبح البهائم قبيح عقلاً لأنه إضرار بها خالص، وقد صار حسناً شرعاً، ولم يتعر عن وجه القبح الأول.

  فالجواب: أنه لما أذن الشارع بذبحها علمنا أنه قد تدرك لها بعوض في مقابلة هذا الضرر، فلم يكن خالصاً عن جلب نفع لها، فزال وجه القبح العقلي.

  قال (ابن لقمان): وذلك لأن العقل لم يقض بقبح إيلامها قضية مبتوتة، بل مشروطة بأن لا يكون لها في إيلامها نفع يزيد على الألم، فإذا أذن الشارع بإيلامها علمنا أن قد حصل شرط حسن إيلامها، وانتفى وجه قبحه، أعني كونه عارياً عن نفع لها. والله أعلم.