قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  هذا وأما المجبرة فقد عرفت كلامهم في وجه حسن أفعالنا، وأما أفعال الله تعالى فاختلفوا، فقالت الأشعرية: إنما تحسن منه تعالى لانتفاء النهي عنه ممن إليه الأمر، وقال بعض المجبرة: بل لكونه رباً، وكلهم بنوا على أصلهم السابق، وهو أن وجه قبح أفعالنا النهي، أو كوننا مملوكين وهما منتفيان في حقه تعالى، وقد عرفت بطلان ذلك.
  واعلم أن الإمام المهدي # لم يحك إلا كلام الأشعرية هنا، وهو بناء على ما مرله من أن قول الجهمية من تمام قول الأشعرية، وقد أجاب أصحابنا عن قولهم بأنه يلزم منه حسن الكذب، وبعثة الكذابين لحصول موجب الحسن فيهما، وهو انتفاء النهي، وكونه مملوكاً، وإذا جوزنا فعله جوزنا في النبي أن يكون كاذباً فيما أخبر به، وفي القرآن أن يكون كذباً فلا نثق بما تضمنه من وعد، ووعيد، وتحليل، وتحريم وغير ذلك، ويجوز أنه يريد بالوعد والتحليل عكسهما، وفي تجويز ذلك الانسلاخ من الدين.
  قالوا: هو مالك للعالم، وللمانك أن يتصرف في ملكه كيف شاء.
  قلنا: لا نسلم أن العقل يستحسن أن المالملك يفعل في ملكه ما لا غرض فيه، بل ربما كان ظلماً كذبح عبده، أو عبثاً كإتلاف ماله لا لغرض وهما قبيحان.
  واعلم أن الإمام القاسم # حكى في الأساس عن المجبرة جميعاً أن الله يفعل الكذب ونحوه من القبائح لانتفاء علة القبح عندهم، وأجاب بأنه تعالى لا يفعل ذلك لكونه صفة نقص في حق غيره،