مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 698 - الجزء 2

  أن يقول: زيد في الدار وهو فيها يقدر على أن يقول ذلك وليس فيها، فكذلك الباري تعالى إذا قدر على الصدق وجب أن يقدر على الكذب؛ لأنهما شيء واحد لا يختلفان إلا بحسب اختلاف حال المخبر عنه، وذلك مما لا يوجب تغيير حال القدرة عليه، وهاهنا اعتراض ذكره أبو الحسين، وهو أن قدرة القادر لا تتعلق باختصاص الفعل بوقت معين، مع أنه إذا انقضى الوقت خرج الفعل عن تعلقه بالقادر فكذلك لا تتعلق قدرة القادر بالقبح، ومع ذلك إذا اختص الفعل بوجه دون وجه خرج عن تعلقه بالقادر.

  قال (القرشي): ويمكن الجواب بأن الوجه الذي لأجله خرج الفعل عن تعلقه بالقادر إذا انقضى وقته غير حاصل في الفعل إذا اختلف وجهه، وإذا لم يكن جامع بطلت المقايسة، على أنا إنما أوجبنا اختصاص الفعل بوقته في حق القادر بقدرة، ونحن فرضنا المسألة في القادر لذاته وهو تعالى كما يصح أن يوقع الفعل في وقته يصح أن يوقعه في غير وقته، لا سيما المبتدئ الباقي، فكذلك إذا صلح أن يوقعه على وجه صح أن يوقعه على وجه غيره، وإنما قال لا سيما المبتدئ الباقي لما في غيره من الإشكال، فإن المسبب وغير الباقي لو صح منه تعالى إيجاده في وقت غير الوقت الذي يختص به لزم ما مر من صحة انقلاب غير الباقي باقيا، ووجود مسببين في وقت واحد عن سبب واحد.

  الدليل الرابع: لو لم يقدر على فعل القبيح للزم أن يكون أضعف