مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 699 - الجزء 2

  القادرين منا أقوى من الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فإن الطفل الذي لا يقدر على حمل رطلين أو نحوها يقدر على أن يدفع غيره في النار وهو على شفيرها، وهو غير مستحق لذلك، والباري غير قادر على ذلك لقبحه عند الخصم، وهذا إلزامي.

  وأما الأدلة السمعية هنا فكثير منها قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وقد مر وجه الاستدلال بها، ومنها تمدحه بنفي الظلم ونحوه، ولا يتم التمدح بتركه، إلا مع القدرة، وإلا لصح تمدحه بأنه لا يجمع بين الضدين، وليس هذا موضع استيفاء الكلام على الآيات لأنه سيأتي الكلام عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى، وهو أخص بها، وقد استبعد السيد مانكديم الاستدلال بالسمع هنا.

  قال الإمام (المهدي) #: لا وجه لاستبعاد ذلك، قلت: وقد مر لنا صحة الاستدلال بالسمع في كثير من مسائل العدل.

  احتج أبو الحسين بأنه قد قام الدليل على اختصاص الفعل بوجه دون وجه، وهو استحالة الفعل من دون داع، والجواب أنا لا نسلم توقف الفعل على الداعي، وإنما يتوقف على القدرة وزوال المانع، ولذا يقع من الساهي والنائم، ولا داعي لهما، سلمنا فعدم الداعي إنما يدل على استمرار الوقوع لا على استحالة الوقوع، كما أن ثبوت الداعي إنما يدل على استمرار الوقوع لا على وجوبه.

  قال القرشي: والأقرب أن خلاف أبي الحسين لفظي؛ لأنه إنما يقول باستحالة الوقوع من حيث الدواعي لا من حيث القدرة،