مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 700 - الجزء 2

  والجمهور لا بد أن يقولوا بالاستحالة من حيث الحكمة لا من حيث القدرة؛ إذ لو جوزوا الوقوع مع العدل لم يبق دليل على أن الله لم يفعله.

  قلت: ولهذا أدرجه الإمام المهدي # في قول الأكثر. والله أعلم.

  احتج النظام ومن معه بوجوه:

  أحدها: أنه لو قدر على القبيح لوجب أن يوقعه، وأجيب بمنع الملازمة، فإن أحدنا يقدر على القيام ولا يفعله، والباري تعالى يقدر على إقامة القيامة الآن، ولا يفعله.

  الثاني: قالوا اتصافه بالقدرة على القبيح نقص، قلنا: النقص وقوعه، وأما القدرة فصفة كمال ومدح؛ لأن التارك مع القدرة خير من التارك للعجز، ولهذا يصح التمدح، ثم إنه يلزم أن يكون الملائكة والأنبياء $ على صفة نقص لاتصافهم بالقدرة على القبيح آنفاً.

  قال الإمام عز الدين #: ولعلهم يلتزمون جواز هذا النقص عليهم كغيره من النقائص الجائزة عليهم من الجهل والحاجة، ويقولون ليس المتنزه من صفات النقص المختص بصفات الكمال إلا الواحد المتعال، قال #: والتحقيق أن الأمر بالعكس مما قالوه فإنه تعالى لو لم يقدر على القبيح لقدح في كونه قادرا لذاته من حيث أن القبائح داخلة في أجناس المقدورات، وإنما يقع النقص بفعل القبيح لا بالقدرة عليه؛ إذ لا يستحق بالقدرة عليه ذماً.

  الثالث: لو صح القول بقدرته على القبيح، وإن استحال أن يكون