قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  والعمق، لمعان غير المعنى الذي وضعوا له لفظ الجسم، فيقولون: جسم طويل، جسم غليظ، وهو معنى العمق، والصفة غير الموصوف، أو جارية مجرى الغير، ألا ترى أن الكرم غير المتصف به في قولنا: زيد كريم، ولو اتحد المعنى لكان معنى قولنا: زيد كريم وجسم طويل، معنى قولنا: زيد زيد وجسم جسم والمعلوم خلافه فإنه يدل على معنى زائد على معنى الموصوف، ولما علمنا أن الطويل في لسانهم عبارة عن التحيز الممتد في سمت الناظر امتداداً زائداً على غيره لم يكن بد من تمييز أقله إذ لا حد لأكثره، فنظرنا فوجدناه ما إذا نقص في تركيبه بطل امتداده في الجهة وخرج عن كونه طويلاً إذ تقديره بفوق ذلك تحكم صرف، لا يدل عليه عقل ولا سمع وكذلك نقول في العرض، وهو الامتداد عن يمين الناظر وشماله فأقله ما إذا نقص منه بطل ذلك الامتداد لما مر، وكذلك العمق، وهو الامتداد إلى أعلى جهة فأقله ما إذا نقص بطل ذلك الامتداد، والوجه واحد، ولا حد لأكثرهما كالطول.
  الأصل الثالث: في كون ذلك يبطل أقوال المخالفين، فأما قول أبي الهذيل فلأنه قد أخل بالعرض؛ لأنه لم يثبته إلا من أحد الجانبين، وما هذا حاله لا يسمى عريضاً في اللغة.
  وأما أبو القاسم فلأنه أخل بالعمق إذ لا يسمى عميقاً إلا ما كان عمقه من جميع جهاته، وإنما بطل قولهما بما ذكر لأنهما يوافقان في أنه لا يسمى جسماً إلا ما جمع الثلاثة الأوصاف.