مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 757 - الجزء 2

  وأما الأشعرية فيبطل قولهم بما مر من أن العرب لا تسمي جسماً. إلا ما ذكرنا، والمسألة لغوية، وبأنه يلزمهم أن يستوي لفظ جسم، وطويل، ونحوه، لوجود التأليف، فلا يصح الوصف بها والمعلوم خلافه.

  وأما الكرامية: فيُبطل قولهم دخول أفعل التفضيل، فيقال: هذا أجسم من هذا، ولو كان كما قالوا: لم يصح وصفه بالتزايد؛ لأن معنى جسميته يرجع إلى النفي، لأن معنى قولهم قائم بذاته أنه لا يفتقر إلى محل، والنفي لا يتزايد فلا يدخله التفضيل، والمعلوم أن العرب تستعمله فيه، والمسألة لغوية لا مجال للعقل فيها.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: أن هذه الأسامي - أعني السطح ونحوه - مجرد اصطلاح لا دليل عليها، وقد أقروا بذلك.

  الثاني: أنهم جعلوا أول أصل من أدلتهم أن الجسم يتألف من جواهر، ونحن لا نسلم ثبوت الجواهر بالمعنى الذي ذكروه كما سيأتي ودعواهم أن أهل اللغة لا يسمون جسماً إلا ما اجتمع من الجواهر التي ذكروها على اختلافهم - فمبني على ثبوت الجوهر، ونحن لا نثبته لا عقلا ولا لغة.

  وأما قولهم: إن (الطويل) ونحوه موضوعة لمعان غير المعنى الذي وضع له الجسم ... إلى آخر ما ذكروه في الأصل الثاني - فجوابه: أن هذا التقرير صادر عن غير تأمل ولا نظر صحيح في معنى الصفة