قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  عند علماء العربية، مع إقرارهم بأن المسألة لغوية، وأنت إذا تأملت علمت أن ذكر الطويل، والعريض، والعميق، أسماء موضوعة للاحتراز بها عما قابلها، ومقابل الطول العرض والقصر، وقد ذكر علماء العربية أن فائدة الوصف إما التخصيص في النكرات أو التوضيح في المعارف، فإذا قال القائل: هذا جسم طويل. أفادك تقليل الاشتراك في لفظ جسم؛ لأنه مشترك اشتراكاً معنوياً بين الطويل وضده، فإذا وصفته تعين أحد المعنيين وكذلك البواقي، وبهذا تعرف أن لفظ (جسم)، ولفظ (طويل) ليس معناهما واحداً من كل وجه إلا في المعارف؛ لأنه لم يقصد فيها إلا زيادة التوضيح، فعلى هذا إذا قيل: جسم كان مشتركاً بين ما يشغل الحيز، فإن امتد قيل: جسم طويل، وإن لم يمتد قيل: قصير أو عريض، فصح أن الجسم في اللغة ما يشغل الحيز، ولفظه مشترك اشتراكاً معنوياً.
  فإن قيل: كلامك هذا يدل على أنه لا يشترط في الجسم أن يكون طويلاً عريضاً عميقاً.
  قيل: بل لا بد فيه من الطول والعرض إلا أنا لا نقول: إنه لا يكون طويلاً عريضاً إلا بما ذكرتم، بل يكون طوله وعرضه في كل شيء بحسبه، فكل ما شغل الحيز فهو طويل عريض، وأما العمق فإذا أريد به السمك وهو الارتفاع فكذلك، وإن أريد به مغناه اللغوي وهو قعر البير، والفج، والوادي، كما في المختار فلا معنى له هنا. والله أعلم.