مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 866 - الجزء 2

  ربي»، فوقعت في حي من أحياء العرب فيهم امرأة مسلمة، فوقع في خلدها أن تهرب عليها، فرأت من القوم غفلة فقعدت عليها ثم حركتها فصبحت بها المدينة، فلما رآها المسلمون فرحوا بها وفشوا بمجيئها حتى أتوا رسول الله ÷، فلما رآها قال: «الحمد لله»، فانتظروا هل يحدث رسول الله ÷ صومًا أو صلاة، فظنوا أنه نسي، فقالوا: يا رسول الله، قد كنت قلت: لئن ردها الله لأشكرن ربي؟! قال: «ألم أقل: الحمد لله؟» الخلد: بفتحتين: البال، يقال: وقع ذلك في خلدي أي: في قلبي.

  وأخرج البيهقي وأبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد قال: فقد أبي بغلته، فقال: لئن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها فركبها، فلما استوى عليها رفع رأسه إلى السماء فقال: (الحمد لله)، لم يزد عليها، فقيل له في ذلك. فقال: وهل تركت شيئا أو أبقيت شيئا، جعلت الحمد كله الله ø.

  والأحاديث والآثار في المسألة كثيرة قد اشتملت عليها كتب الحديث وغيرها.

  وهاهنا سؤال وهو: أن جملة الحمد خبرية، والإخبار: بثبوت شيء لشيء لا يستلزم حصول ذلك الشيء من المخبر، فالإخبار بأن الحمد لله لا يستلزم حصول الحمد من المخبر، كما أن الإخبار بقيام زيد لا يستلزم حصول القيام؟ وأجيب بأجوبة منها: أن هذه الصيغة قد نقلت شرعًا من الخبر إلى الإنشاء كما في صيغ العقود⁣(⁣١).


(١) كبعت ووهبت فإنها أخبار عن الأصل ثم نقلت شرعاً لانشاء مضمونها. تمت مؤلف.