مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير الآية الرابعة من سورة الفاتحة {مالك يوم الدين 4}

صفحة 887 - الجزء 2

  البعث فقد اشتمل على بيان وجه حسنه.

  فإن قيل: لم لم يحصل الفرق بين المطيع والعاصي في الدنيا من دون فناء العالم وتوسط الموت؟

  قيل: قد أجيب بوجوه:

  أحدها: أنه لو وقع الثواب والعقاب في الدنيا لم يحسن التكليف لأن العبد يكون ملجأ إلى فعل الطاعة وترك المعصية ضرورة، وتوسط الموت أقوى من مجرد التراخي بالجزاء في منع الإلجاء، وهذا قول أبي هاشم.

  الوجه الثاني: ذكره أبو علي، وهو أن في العلم بالفناء لطفا لأن المكلف إذا علم أن جزاء عمله فعلاً كان أو تركا يتراخى أبلغ ما يكون من التراخي، وذلك بتوسط الفناء فإنه يكون أقرب إلى أن يعمله للوجه الذي لأجله يحسن ويجب، ومع عدم التراخي يفعله للثواب ويتركه للعقاب فلا يأتي بهما⁣(⁣١) على الوجه الذي كلف به، وإذا كان لطفا في ذلك فتوسط الفناء أقوى في تحصيل الغرض، ومن حق اللطف إيقاعه على أبلغ الوجوه التي يحصل معها الغرض به. وهذا كلامه في وجوب الفناء، وأما توسط الموت فلأنه لا بد لمحل الحياة منه أو من الحياة عنده⁣(⁣٢)، والشيء الذي يفتقر المحل إليه لا يقال لفاعله: لم فعله.


(١) أي بالفعل والترك. تمت مؤلف.

(٢) لأن المحل لا يخلو من الشيء أو ضده عنده. تمت مؤلف.