تفسير الآية الرابعة من سورة الفاتحة {مالك يوم الدين 4}
  قال الإمام عز الدين #: وتعليل الشيخين متفق في المعنى، وإن اختلف في العبارة، وتلخيصه ومعناه مجموع أمرين:
  أحدهما: أن الفناء لطف للمكلف في أن يفعل ما كلف للوجه الذي كلف لا للثواب، وتعليله أن المكلف إذا علم تأخير الثواب وتراخيه وتقدم الفناء عليه دعاه ذلك إلى أن يفعل الواجب لوجوبه لا للثواب، وإذا كان الثواب معجلا متقدمًا ولا فناء يكون فعل المكلف الواجب للثواب لا للوجوب.
  الأمر الثاني: أن الثواب والعقاب إذا كانا موعوداً بهما عقيب ذات التكليف ولا فناء يكون كان المكلف ملجأ مدفوعا إلى فعل ما كلف ولا اختيار له في الترك لقوة الداعي إلى ترك المقبحات وجوباً، ويكون كالممنوع من الفعل لقوة الصارف فيبطل التكليف لعدم الاختيار، وعدم تردد الداعي، ويصير الحال في ذلك كمن وعد على عمل أمر به يسير المشقة بأموال عظيمة، وممالك جمة في غد، وتوعد على تركه بعقوبة لا يحاط بوصفها في عذابها، والواعد والمتوعد ممن يعلم صدقه وقدرته، فإن المأمور يكون ملجأ إلى الفعل لا محالة.
  قال #: هذا تلخيص كلام الشيخين. ثم قال: فإن قال السائل: وطول المدة وتراخيها بالموت وسقوط التكليف يقوم مقام الفناء؟ قلنا: من حق اللطف أن يفعل، ويكون على أبلغ الوجوه وأقصاها الفناء، والإعدام أبلغ وأقطع للرجاء، وأبعد من الإلجاء، والفناء مقدور الله تعالى فيفعله ويجب عليه على هذا الحد. ذكره في الفتاوى.