مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة: في تبيين الكتاب بالسنة وما صح عن أمير المؤمنين # وأئمة العترة وإجماع الأمة والرد على من تعلق بظاهر الكتاب وترك العمل بالسنة

صفحة 89 - الجزء 1

  كالنحو والأصول واللغة، وغيرها بحسب ما تحتاج إليه الآية؛ لأن القرآن على درجات فبعضه لا يعرف معناه إلا من جهة السنة وما يلحق بها⁣(⁣١)، وبعضه يعرف بالنظر في اللغة العربية والقواعد النحوية ونحوها، وبعضه يدرك بدقيق النظر وإعمال الفكر، وهذا في حق من يريد استنباط الأحكام والمسائل منه، وبعضه ظاهر لا يحتاج في تفسيره إلى غير تلاوته، وقد دل على هذا ما ورد من أنه بيان لكل شيء، وأن فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، ووصف بأنه ربيع العلماء، وشبه بالبحر الذي لا ينزف ولا يدرك قعره، إلى غير ذلك مما يدل على أن من أحسن فيه نظره استنبط منه ما لا يحصى من العلم النافع، وقد تقدم شيء من ذلك؛ وليس المراد أن التفسير والاستنباط موقوف على السماع؛ لأن الصحابة قد فسروا القرآن واستنبطوا منه على وجوه مختلفة، ولو كان تفسيره مسموعاً لما اختلفوا، وقد دل على احتماله للوجوه وكثرة ما يستنبط منه قول علي # لما أمر ابن عباس بمجادلة الخوارج: (حاججهم بالسنة فإن القرآن ذو وجوه) أو كما قال.

  وأيضاً فإن النبي ÷ دعا لابن عباس بعلم التأويل، ولو كان التأويل مسموعاً كالتنزيل لم يكن لتخصيصه بالدعاء فائدة.

  وقد روي عن عائشة أن النبي ÷ ما كان يفسر من كتاب الله إلا آياً بعدد، علَّمه إياهن جبريل #، وهذا نص صريح فيما ذهبنا


(١) ما صدر عن الوصي #. تمت مؤلف.