قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  الرابع: أن المراد طلب الهداية التي بمعنى الدلالة والإرشاد، وقد ورد مرفوعا في حديث أخرجه البيهقي عن ابن عباس من طريق مقاتل بن سليمان وفيه تفسير اهدنا بـ: أرشدنا، وقال الإمام المهدي #: الهدى في الآية بمعنى الانسلاك، أي أقدرنا على سلوكه، وليس المعنى الدلالة إذا حملنا الصراط على الصراط الأخروي؛ إذ كل أحد يمر عليه لكن الصالح يجاوزه إلى الجنة، والطالح ينهفت في الناره ومن حمله على طريق الحق، فالهدى بمعنى الدلالة والبيان، أي عرفنا الحق وألهمناه، ثم اختلفوا فيما به يتخلص من الإشكال المتقدم، وهو أن طلب ذلك يكون من تحصيل الحاصل إلى آخر ما مر على وجوه:
  أحدها: أنا أمرنا أن نقوله تعبداً لنثاب عليه، كما أمرنا بسؤال الصلاة على النبي ÷، وإن كان قد صلى الله عليه في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٦].
  الثاني: أن المطلوب الهداية إلى صراط الأولين من الأنبياء والصالحين في تحمل ما يشق لأجل مرضاة الله تعالى.
  الثالث: أن العلم النظري يقبل الزيادة بزيادة الأدلة، وربما صح دين الإنسان بدليل واحد وبقي غافلاً عن سائر الأدلة إذ لا موجود من الممكنات إلا وفيه دلالة على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته، فكأنه قال: عرفنا ما في كل شيء من الدلالة على ذاتك وصفاتك؛ وهذا وجه غير مخلص لأنه راجع إلى طلب الزيادة، وقد ذكر الرازي