المسألة الثانية [حاجة العبد إلى ربه]
  وغيره وجوهاً غير مخلصة ولا دليل عليها، وأقرب الوجوه المذكورة الأول، ولم يذكره الرازي. وقال المقبلي: المطلوب مستقبل أبدا وما عليه المطلوب منه في الحال غير منظور فلا يخل بالكلام اتصافه في الحال بما طلب منه في المستقبل، فهو مثل قوله: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ١٠٢}[آل عمران] وصل غدًا مثل ما صليت اليوم، وليجرى على هذا لقوم يؤمنون، يوقنون، يعلمون، يتفكرون، وسائر التراكيب ذكره في الأبحاث.
المسألة الثانية [حاجة العبد إلى ربه]
  في قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}[الفاتحة] وقوله: {اهْدِنَا} دليل واضح وبرهان صريح على أنه لا غناء للعبد عن ربه في أمر دينه ودنياه، وإلا لما كان للاستعانة وطلب الهدى معنى، وذلك واضح. وقال ابن جرير: في الآية رد على القدرية الزاعمين أن كل مأمور بأمر قد أعطي من المعونة عليه ما قد ارتفعت معه في ذلك للمأمور به حاجته إلى ربه، ولو كان الأمر كذلك لبطل معنى قوله تعالى: {اهْدِنَا}. أقول: ولا أدري من أراد بالقدرية؟ هل ثمة فرقة تقول بهذا القول فقد أصاب في الرد عليهم، أم أراد به أئمة العدل لأنهم يرمونهم بهذا الاسم فلعله قد توهم ذلك من إثباتهم الاختيار للعبد والتصرف بحسب قصده وداعيه، ولا وجه له لأن إثبات اختيار العبد لا يستلزم ما توهمه، ولأنهم قد صرحوا بخلافه، وقد مر بعض كلامهم في أول