قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  السادس: الإهانة وهي إظهار ما فيه تصغير المهان وقلة المبالاة به كقوله تعالى: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ٥٠}[الإسراء]: ومنه التهكم، قال في شرح الغاية: وضابطه: أن يؤتى بلفظ ظاهره الخير والكرامة والمراد ضده. وقريب من الإهانة التحقير كقوله تعالى حاكيا عن موسى: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٤٣}[الشعراء] أي: ما جئتم به من السحر حقير بالنسبة إلى المعجزة، وإنما قيل إنه قريب منها لأن كل محتقر في الاعتقاد أو في الظاهر فهو مهان(١) في ذلك الاعتقاد أو الظاهر، وإن كانت الإهانة إنما تكون بالقول أو الفعل، والاحتقار كثيرا ما يقع في الاعتقاد.
  والحاصل أنه إن شرط في الإهانة إظهار ذلك قولاً أو فعلاً كانت أخص من التحقير، وإلا فهما شيء واحد.
  قلت: ظاهر ما في القاموس في تفسير الإهانة والاستحقار أنهما بمعنى واحد بالأنه فسرهما بالذل، وفي المختار ما يدل على الفرق الأنه فسر الإهانة بالذل والاستهانة بالاستحقار والاستحقار بالتصغير فعلى هذا تكون الإهانة أعم لإطلاقها على الذل(٢) والتحقيره. وقد عده صاحب الجمع وغيره قسما مستقلا والفرق بين الإهانة والتسخير: أن التسخير يحصل فيه الفعل حال إيجاد الصيغة فإن مسخهم وتبديلهم بحال القردة واقع حال إيجاد الصيغة، والإهانة لا يحصل فيها الفعل أصلاً لحصوله قبل، بل المراد إظهار تحقيرهم وقلة
(١) أي مذلل. تمت مؤلف.
(٢) أي لأنها قد أطلقت على الذل وهو ظاهر واستعملت في التحقير كما يدل عليه قوله والاستهانة بالاستحقار. تمت مؤلف.