مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 993 - الجزء 2

  على الغرض بإجابة الغير إلى الطعام، وهنا أقاسوا اللطف نفسه على التمكين، ولذا مثل له القرشي بالرسول الذي هو بمنزلة اللطف للمكلف وبفتح الباب وتقديم الطعام الذي هو بمنزلة تمكين المكلف، ويرد على هذه الحجة ما ورد على الأولى، والجواب الجواب.

  وأما الإمام عز الدين فقد ضعف هذه الحجة غاية التضعيف، وذلك أنه قرر مساواته للتمكين في إزاحة العلة بأنه إذا كلفه ولم يمكنه كان له أن يقول: يا رب كلفتني ولم تمكني، فأنا معذور في ترك ما كلفتني فلأي شيء تعاقبني، وكذلك إذا لم يلطف به فإنه يقول: كلفتني وأردت مني الوصول إلى الثواب ولو فعلت بي كذا لوصلت، فأنا معذور فلأي شيء تعاقبني على معصيتك.

  قال #: ولا يخفى ما فيه من تكلف القياس وبنائه على غير أساس، فإن الله أن يجيب على المعتل بعدم اللطف بأن يقول: كلفتك وعرضتك للثواب العظيم ودللتك على طريقه، وأوضحت لك أنك إن تنكبتها وقعت في العقاب العظيم بعد أن أكملت لك العقل ونصبت لك الدلالة، وأقمت عليك الحجة، ولا جواب إن لم يمكنه فالفرق واضح، وليس مثل هذا التأويل يؤتى به في الفروع الظنية فكيف بالمسائل الأصولية القطعية.

  وحاصل كلامه # عدم الاستواء في إزاحة العلة لأن المكلف لا يمكنه الفعل مع عدم التمكين ويمكنه مع عدم اللطف.

  قلت: وأيضا لو كلفه مع عدم التمكين لكان تكليفاً بما لا يطاق،