مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 995 - الجزء 2

  وأن الكلام مفروض مع استمرار الحال في الإرادة وبقاء الغرض بالتكليف، أي أنهم إنما أوجبوا اللطف لئلا ينتقض الغرض مع بقائه، وبقاء الإرادة، فلا يرد عليهم ما ورد على أبي علي⁣(⁣١).

  احتج بشر بن المعتمر وأتباعه بوجوه:

  أحدها: أن اللطف لو وجب على الله لما وجد عاص، إذ ما من مكلف إلا وفي مقدور الله تعالى من الألطاف ما لو فعل به لاختار الواجب وترك القبيح، فلما وجدنا في المكلفين المطيع والعاصي ظهر لنا أن اللطف لا يجب؛ إذ لو وجب لوقع لمنع حكمة الباري تعالى وعدله من الإخلال بالواجب.

  قلت: وهؤلاء يسمون أصحاب اللطف، وإنما سموا بذلك لقولهم: إنه ما من مكلف إلا والله قادر على اللطف به، لا لنفيهم وجوب اللطف الأن الأسماء إنما تشتق من الإثبات لا من النفي.

  أجاب الأصحاب بأجوبة، منها: أنا لا نسلم أنه لا مكلف إلا وفي مقدور الله تعالى من الإلطاف ما لو فعل به لاختار الواجب وترك القبيح، فإنا نقول: إنه لا يجب أن يكون لكل ما كلفناه لطف، بل يجوز أن يكون فيما كلفناه ما لا لطف فيه، بأن يعلم الله أنه لا شيء يختار عنده المكلف الفعل، ولا يقرب من اختياره، وذلك ظاهر في الشاهد، فإن أحدنا قد يعلم من حال ولده أنه يختار التعليم في حالة الشدة والرخاء والمنع والإعطاء، أو لا يختاره وإن فعل ما فعل.


(١) لأنه جعل ترك اللطف كاشفاً عن عدم الإرادة. تمت مؤلف.