قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  ومنها: ما ذكره السيد مانكديم وهو أن الألطاف ليست من جنس المقدورات لأن اللطف ما يختار عنده الفعل والترك، وهذا ليس جنسا مخصوصاً حتى يجب في القادر للذات أن يقدر عليه لا محالة، ومعناه أن كون الفعل لطفا ليس بفعل فاعل حتى يلزم كونه مقدورا للباري تعالى، وقد أوضح كونه ليس بفعل فاعل الإمام المهدي #.
  وحاصل كلامه: أن كون الفعل داعيًا لبعض المكلفين إلى فعل الواجب ليس واقفا على اختيار مختار، بل يجوز أن يكون لوقوعه على وجه مخصوص، فالدعاء إلى فعل الواجب بمنزلة الحسن والقبح في كونهما غير واقفين على اختيار مختار، بل هما كالوصف المقتضى عن الذات، بيانه: أنا نعلم ضرورة أن من عرف أن له صانعا صنعه كان أقرب إلى فعل الواجب وترك القبيح ممن لم يعرف ذلك مطيعا كان أم عاصيا، ونعلم أيضًا أن معرفة الله داعية، وأن هذا الحكم ثابت لها وليس بتأثير الله لأنا نعلم ذلك وإن لم نعرف الله، بل الملحد يعلم أن من عرف أن له صانعا إن أطاعه أثابه وإن عصاه عاقبه كان أقرب إلى الفعل والترك ممن لم يعرف ذلك، ولا شك أن هذا الحكم يعرف ثبوته(١) للمعرفة قبل وجودها كما يعرف وصفها الذاتي، فإذا ثبت للمعرفة أن تكون لطفا غير واقف على اختيار مختار جاز أن يكون غيرها كذلك؛ إذ لا مانع، لكن لا طريق لنا إلى معرفة اللطف إلا بالسمع إلا المعرفة فقد دلنا العقل على كونها لطفا، وعلى أن لطفيتها غير واقفة على تأثير مؤثر، ثم ذكر # أن السمع قد دلنا على أن
(١) وهو كونها داعية. تمت مؤلف.