قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  من أن في مقدور الله من الألطاف ما يصير به كل كافر مؤمنا، وهو واضح.
  واعترضه السيد العلامة محمد بن عز الدين المفتي |: بأن قدرة الله شاملة عامة، ولكنه ناط الأحكام بالأسباب الحكم علمها من علم وجهلها من جهل، واستدل على ذلك بقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ٩}[الأنعام].
  قلت: والذي يظهر أن السيد | لم يفهم مقصود الإمام المهدي # فتوهم أن مراده نفي القدرة على الفعل بدليل أن من جملة أدلته التي اعترض بها قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ٦٠}[الزخرف] وبقوله ÷ في الدعاء: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك» وليس كما توهم، وإنما أراد الإمام # أن اللطفية والمفسدية وهما أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج لازمان للفعل بحيث إذا وجد الفعل كان فيه لطف أو مفسدة لا محالة، وإذا كان هذا لازما فلا يتوقف على اختيار مختار، وذلك أمر غير الفعل الذي تتعلق به القدرة، كما أن الحسن والقبح لازمان لوجود الفعل لا يتوقف كون الفعل الواقع على وجه حسنا أو قبيحا على الاختيار، وإنما المتوقف على الاختيار وجود الفعل وحصوله، وهذا هو الذي تدل عليه الآيات المذكورة، إلا أن لقائل أن يقول: إذا كان اللطف غير مقدور للباري تعالى فما معنى إيجابه عليه، فليتأمل.
  ومن أجوبة الأصحاب ما ذكره القرشي وهو أن فقد الطاعة إنما يدل