قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  على فقد اللطف الذي هو التوفيق والعصمة، فما المانع من أن يكون قد فعل الله به اللطف المطلق؟
  قال الإمام عز الدين #: وفيه نظر لأن المخالف يدعي أن في مقدور الله من الألطاف ما يفعل المكلف عنده ما كلفه لأنه قادر للذات، ومن حق القادر للذات أن يكون قادرا على جميع أجناس المقدورات، ومن كل جنس على ما يتناهى، وما من مكلف إلا وله لطف في كل أمر كلف بفعله أو تركه. ثم قال: إن كلام القرشي يقضي بوجوب اللطف المطلق على الله تعالى لإزاحة العلة. قال #: ولا معنى لإيجابه كما روي عن قاضي القضاة.
  قلت: وستأتي الحجة لذلك، وحاصل اعتراضه أن الجواب غير مطابق لأن الخصم يدعي عموم القدرة على اللطف الذي يحصل عنده الفعل لا محالة وهو لطف التوفيق والعصمة، ولو كان واجبا لما وجد عاص كما مر.
  الوجه الثاني لبشر وأتباعه: أن اللطف يسمى أصلح، وهذه العبارة تقتضي التزايد، وأن ثم ما هو دونه لم يفعله الله تعالى لأن كل شيء يفعله الله تعالى فهو أصلح.
  والجواب: أنا لا نسلم المفاضلة كما كما مر سلمنا، فهي بين المصالح في الدين والمصالح في الدنيا، ولا شك في ذلك ولا فرج لهم في ذلك، ثم إنا لو سلمنا أن المفاضلة بين المصالح في الدين فنقول: لا حجة لهم