قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  في ذلك؛ لأن الله تعالى إذا فعل الأعلى لم يجب الأدنى، قال القرشي: فهو موضع وفاق، على أن هذا توصل إلى المعنى بالعبارة(١).
  الوجه الثالث: قالوا: لو وجب الأصلح في باب الدين لوجب في باب الدنيا. أجاب الإمام المهدي # بالفرق وهو: أن منافع الدنيا كلها تفضل لا وجه لوجوبها بخلاف مصالح الدين، فإن وجه وجوبها أن الإخلال بها ينقض الغرض بالتكليف، لا يقال: وكذلك الإخلال بمصالح الدنيا ينتقض الغرض بخلق الحي لأنه إنما خلقه لينفعه؛ لأنا نقول: إذا قد أوصل إليه أدني منفعة يلتذ بها فقد تفضل عليه، وخرج عن أن يكون خلقه عبثا ولا يلزمه بعد ذلك شيء، بخلاف مصالح الدين فإنه يجب الإتيان بها أجمع ليزيح علة المكلف، ويخرج عن أن يكون عابنا بالتكليف.
  قلت: ولقائل أن يقول: إذا كان يجب الإتيان بالألطاف أجمع، وقد مر أن منها التوفيق والعصمة، وأن الفعل والترك يحصلان عندهما لا محالة لزم أن لا يوجد عاص أبدا فينظر.
  الوجهة الرابع: أنه يلزم فيمن علم الله من حاله أنه لا يلتطف إلا بأن تعليمه بأنه يبلغه في الثواب درجة الأنبياء $ أن يجب ذلك، والمعلوم خلافه، أجيب: بأن هذا اللطف يكون قبيحاً لأنه لا يستحق رتبة الأنبياء فتبليغه إياها قبيح لأنه تعظيم لمن لا يستحقه، واللطف إذا كان قبيحا فلا يصح التكليف بالملطوف فيه على الصحيح.
(١) أي توصل بها إلى إثبات مذهب وقع فيه التنازع والعبارات لا تحصل بها المعاني ولا يستدل بها في المسائل العلمية القطعية. تمت معراج، والمراد أن الخصم استدل على مذهبه بتسمية اللطف أصلح وذلك لا يصلح دليلا. تمت مؤلف.