قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  الوجه الخامس: لو وجب على الله تعالى لوجب على أحدنا إذا دعا غيره إلى الإسلام وعلم أنه إذا شاطره في ماله أسلم أن يجب.
  والجواب: أن في هذا نحو التفصيل السابق في إيراد نحو هذا على الحجة الأولى للجمهور، وهو أن يقال: إن أراد بدعائه نفع المدعو فلا تجب المشاطرة(١)، وإن أراد نفع نفسه بما يحصل له من الثناء والذكر نظر، فإن كان ضرر المشاطرة مساوياً أو زائداً على النفع لم يجب، وإن كان النفع أعظم كأن يكون المدعو إلى الإسلام ممن له رئاسة وأتباع يعظم أمر داعيه وتفخم شأنه بإسلامه فإنها تجب، وإلا عاد على غرضه بالنقض. وقال الإمام المهدي # في جواب هذا الوجه: إن المشاطرة لا تجب لأنه إنما دعاه إلى الإسلام رغبة في الثواب وجذبًا لنفع نفسه(٢)، وقد حصل له الثواب بدعائه فلم ينتقض غرضه بامتناعه من المشاطرة.
  الوجه السادس: قالوا: إذا كان يعلم الله أن زيداً يعصي عند الفقر وهو قادر على غنائه فلم يفعل فإنه يدل على أن اللطف غير واجب؟
  والجواب: لا نسلم لكم أن الله لا يغنيه، والحال هذه، وما أنكرتم أن يكون هذا الفقير أقرب إلى اختيار الطاعة مع الفقر حتى لو أغناه لازداد طغياناً، وليست المعصية عند الفقر دليلاً على أنه يطيع عند الغنى.
(١) لأنه لا يلزمه تحمل المشقة في نفع غيره إذ ليس بمكلف وإنما الله تعالى هو الذي كلف ذلك الغير بما لا غرض في تكليفه إلا نفعه فافترقا إذ لا مشقة تلحق الباري تعالى بفعل اللطف. تمت مؤلف.
(٢) أي الداعي والمراد نفع نفسه بثواب الدعاء. تمت مؤلف.