مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1002 - الجزء 2

  الوجه السابع: قياسهم بالمصلحة على المفسدة، وهو أن يقال: لا شك أن الله تعالى قادر على أن يفعل من المفاسد ما يفسد به كل أحد، فيجب أن يكون قادرًا على أن يفعل من المصالح ما يصلح به كل أحد، ولو كان فعله المصلحة واجبًا لما وجد عاص، فثبت بهذا أن الألطاف مقدورة الله تعالى وأنها غير واجبة.

  والجواب: أنا لو خلينا وقضية العقل، لكنا لا نعلم أنه تعالى قادر على ما لو فعله لكان مفسدة كما في اللطف لما مر من أن اللطفية والمفسدية غير داخلين في المقدور، لكنه قد دل السمع على أن في الحوادث ما يفسد به كل أحد كما في قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ...}⁣[الشورى: ٢٧] الآية، إذ لم يفصل بين عبد وعبد ونحوها، ومثل هذا الدليل لم يوجد في المصلحة فتبقى على حكم العقل، وبه يبطل القياس لوجود الفارق المذكور.

  الوجه الثامن: إجماع المسلمين على دعاء الله وطلب اللطف والتوفيق والعافية منه، فلو لم يكن ذلك مقدوراً لم يصح طلبه، وكذلك لو كان واجبًا إذ هو من طلب تحصيل الحاصل، مع أن سؤال العافية يتضمن السؤال ترك الواجب الأصلح وهو المرض، لأنه من الألطاف عندكم، وأيضا فإنه يجوز من أحدنا أن يسأل الله أن يجعله أفضل من غيره وهو تعالى قادر على ذلك إجماعًا، فيجب أن يقدر على ما لا يتم إلا به وهو اللطف؟