مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1004 - الجزء 2

  قد تعبدنا بالدعاء بالعافية، قال النبي الله ÷ لعمه العباس: «سل الله العافية»، وكان كثيرا ما يدعوه ÷ بها، فنقطع بأن في الدعاء مصلحة، وأنه في نفسه طاعة، والله سبحانه يفعل في استمرار الألم وإنزاله ورفعه بحسب ما يعلم من الصلاح في ذلك.

  قلت: وحديث الأمر بسؤال العافية رواه في كتاب الذكر، وأخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم والبخاري في التأريخ، وصححه في شرح الجامع الصغير.

  وأما جواز سؤال التفضيل على الغير فقال القرشي: إن كان المرجع بالتفضيل إلى اللطف فلا نسلمه على الإطلاق، بل لا بد من كونه مشروطا كما سلف، وإن كان المرجع به إلى كثرة المدح والتعظيم والثواب فجائز أن يسأل الله ذلك، وأن يكون قادرا عليه، وإن كان لا يحسن إلا مستحقاً.

  قلت: وهو جواب غير مفيد لأنهم استدلوا بالجواز على كونه مقدوراً وذلك يستلزم وجوب اللطف، ومقصودهم: أنه لو وجب لما وقع العصيان وهو كما ترى.

  أجاب بأنه لا يسلم الجواز على الإطلاق، وذلك لا يبطل مرادهم وهو أنه مقدور، ولقائل أن يقول: ظاهر كلام القرشي في هذه الأبحاث تسليم كون اللطف مقدورًا إلا أن كونه مقدوراً لا يوجب أن لا يعصي أحد الجواز أن لا يوقعه له؛ لأنه ممن يقول: إنه لا يجب أن يكون لكل ما كلفناه لطف، ولو سلم أن لكل مكلف لطفاً فعنده أنه لا يتعين ما يحصل عنده الفعل والترك لا محالة، بل يكفي