قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  الخامس: أن يتقدم اللطف على الملطوف فيه بوقت واحد ليتأتى له حظ الدعاء(١) ويمكن عنده الاختيار، هكذا ذكره القرشي وهو يقتضي وجوب التقدم، وقد صرح به النجري وحكاه عن الشيخين، والذي حكاه الإمام المهدي عنهما جواز تقدمه وهو وهم، والظاهر الوجوب لما مر، فأما تقديمه بأكثر من وقت إذا كان من فعل الله فمنعه أبو علي لأنه يصير في حكم المنسي في ضعف دعائه، دليله: أن المريض يكون عقيب مرضه أرق قلبا وأكثر ميلاً إلى الطاعة منه مع تقادم عهده، واللطف يجب أن يكون على أبلغ الوجوه.
  وقال أبو هاشم: بل يجوز تقدمه بأوقات ولو كثرت سواء كان من فعلنا أو من فعل الله ما لم يصر في حكم المنسي، واختاره الإمام القاسم بن محمد # وأتباعه لحصول الالتطاف بأموات القرون الماضية وتهدم مساكنهم وهي متقدمة قطعًا، وأما ما ذكره أبو علي فجوابه: أنا لا نسلم ضعف دعائه بالتقدم لأنا نعلم في الشاهد أن التقدم قد يكون أدعى إلى فعل الملطوف فيه، وذلك أنا نعلم من حال كثير من العقلاء أنه إذا قدم دعاءه للحضور للطعام كان أقرب إلى الإجابة لما فيه من الإعظام، فإذا علمنا ذلك في الشاهد جاز أن يكون بعض الألطاف التي من الله تعالى إذا تقدمت بأوقات أدعى منها لو تأخرت، وحينئذ لا نقطع بمصيره بالتقدم المذكور في حكم المنسي.
  نعم زاد القرشي لأبي هاشم شرطًا في جواز التقدم وهو: أن يكون
(١) يعني أن اللطف داع للمكلف ولا يحصل الدعاء إلا بالتقدم. تمت مؤلف.