المسألة السادسة [رد استدلال الرازي بالآية في عدم الخلود]
  والجواب من وجوه:
  أحدها: لا نسلم أن المراد بالمنعم عليه في آية الفاتحة من في آية النساء كما مر عن ابن عباس وغيره.
  الثاني: أنا وإن سلمنا ذلك فلا نسلم أنه يقتضي تفضيل أبي بكر لأن الصديق في اللغة: الكثير الصدق ودائم التصديق، والذي يصدق قوله بالعمل، وهذه الأمور لا يختص بها أبو بكر؛ إذ المعلوم اشتراك كثير من الصحابة فمن بعدهم فيها، وقد نص النبي ÷ على أن أبا ذر أصدق لهجة، وهذا يقتضي تفضيله على أبي بكر في الصدق.
  فإن قيل: ويقتضي تفضيله على علي #؟
  قيل: لولا قيام الدليل المانع من ذلك لقلنا بموجبه، لكن قام الدليل على أن علياً # نفس الرسول، وأن حكمه كحكمه في كل شيء إلا النبوة، ومن المعلوم أن أحداً لا يداني فضل الرسول ÷ فضلا عن أن يكون أفضل منه، فكذلك من كانت نفسه نَفْسَهُ وحكمه حكمه، هذا مع ما ورد من تفضيله على الأمة، والدلالة على عصمته من كل وصمة.
  وأيضًا فقد ورد مرفوعًا تفسير الصديقين بالمصدقين أخرجه ابن جرير من حديث المقداد، فثبت أنه لا دلالة فيه على تفضيل أبي بكر، فمن أين تدل على إمامته غاية الأمر دلالتها على أنه من جملة المصدقين.
  فإن قيل: لم نستدل بها على إمامته من الجهة التي ذكرتموها، وإنما استدللنا بها على ذلك من حيث أنه قد صار لقبا له شرعًا لتقدم إسلامه على أمير المؤمنين # وغيره؟