الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (يجبر رب نحو السفل)

صفحة 180 - الجزء 4

  «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فاصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرق ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجو ونجوا جميعا» دل على أنه إذا كان لنحو رجل بيت وفوقه بيت آخر لرجل إذا أراد صاحب العلو أن يبني بيته وامتنع صاحب السفل من اصلاح بيته حكم عليه باصلاحه ليتمكن صاحب العلو من بنا علوه لأن في ذلك إزالة الضرر عنه وإزالة الضرر عن المسلم واجب وحكم من نهينا عن الاضرار به من اهل الذمة كذلك قال في الشفا وقد نص الهادي # على هذا المعنى قال السيد أبو طالب وهذا مما لا خلاف فيه. وقولنا: نحو رب السفل ليدخل حق مسيل أو طريق فانه يجب الاصلاح لحتى ينتفع المارُّ والأسفل في السقى.

  قلت ودخل في الاستدلال بما تقدم أن كلا منهما لا يفعل ما يضر بالآخر من نحو التعلية والنحت في الأسفل ونحو ذلك من سائر المضرات.

  في الشفا خبر: وعن النبي ÷ أنه قال: «لا يمنع احدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره».

  وأخرج في الموطأ وابن ماجة وغيرهما واللفظ لابن ماجة عن عبد الرحمن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يبلغ به النبي ÷ قال: اذا استأذن احدكم جاره ان يغرز خشبه في جداره فلا يمنعه فلما حدثهم أبو هريرة طأطؤا رؤسهم فلما رآهم قال مالي أراكم عنها معرضين والله لأر مينها بين أكتافكم.

  وأخرج ابن ماجة عن هشام بن يحيى ان عكرمة بن سلمة أخبره ان اخوين من بلمغيره اعتق⁣(⁣١) احدهما ان لا يغرز خشباً في جداره فأقبل مجمع بن يزيد ورجال كثيرة من الانصار فقالوا نشهد أن رسول الله ÷ قال: لا يمنع احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره» فقال: يا أخي انك مقضي لك وقد حلفت فاجعل اسطوانا دون حائطي أو جداري فاجعل عليه خشبة دل على انه يستحب ذلك لانه من حسن


(١) أي حلف يعتق عبده الا يغرز جاره انتهى.