الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في أحكام إمام الصلاة)

صفحة 29 - الجزء 2

  المسلمين فهو ضال بلا ريب، وقد قال الله سبحانه {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ٨٨}⁣[النساء].

[إبطال حجة القائلين بصحة إمامة غير المتقين في الصلاة]

  دَلَّ ذَلك على أن الفاسِقَ لا تجوز إمامته لأنا لم نجد له في الدين كله سبيلا بنص الآية الكريمة.

  وما روي عن عائشة وابن عمر مرفوعة «صلوا خلف من قال لا إله إلا الله وعلى من قال: لا إله إلا الله» فلا شك أنه مخصص ما ذكرناه وأن المراد به خلف أهل التقوى، ولو كان المراد به العموم، لجازت الصلاة على اليهود، وخلف اليهود، ولا قائل به من المسلمين.

  مع ان ابن حجر ذكره في بلوغ المرام، قال في هذا الخبر رواه الدار قطني بإسناد ضعيف.

  وما روي مرفوعًا «صلوا خلف كل بر وفاجر» فلم يعتمده الأثبات من أئمة الحديث وإنما تفرد به الطبراني عن أبي هريرة، فلم يقو على معارضة ما قدمناه.

  وفي تخريج البحر قال في التلخيص روي من طرق كلها واهية جدًا، قال العقيلي: ليس في هذا المتن إسناد يثبت، ونقل ابن الجوزي عن أحمد أنه سئل عنه فقال: ما سمعنا بهذا، وقال الدار قطني: ليس فيها شي يثبت، وقال البيهقي: في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة، غاية الضعف، انتهى.

  قلت: وبالله التوفيق ونعلُّه بجرح علي # لأبي هريرة ونهي عُمَر له عن الإكثار من الحديث وقال عمر له: «لتتركَن الرواية أو الاكثار من الرواية أو الانفيك إلى جبال دوس» وقال ابن أبي الحديد: ضربه عمر بن الخطاب في خلافته بالدرة وقال له: «لقد أكثرت الرواية وأخشاك أن تكون كاذبا على رسول الله ÷» وقال: وروي سفيان الثوري عن منصور عن ابرهيم التميمي، قال: «كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة إلا ما كان من ذكر جنة أو نار» وقال أيضاً: قال الجاحظ ما لفظه: فليس أبو هريرة عندنا بثقةٍ في الحديث كما لم يكن ثقة عند عمر، وعليّ، وعائشة، وأصحاب عبد الله بن مسعود، ومنكم سمعنا بشهادة هؤلاء عليه وهؤلاء أمتنا وأئمتكم أيضاً.