الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) في انكحة الكفار:

صفحة 301 - الجزء 3

  فإن قيل هلا كان قول عائشة توقيفا؟ قلنا: بل اجتهاد. سلمنا فقول علي أحوط وأرجح وما استدل به القائلون باطلاق قوله تعالى {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}⁣[الرعد: ٨] فأخبر بأن الأرحام تغيض أي تنقص وتزداد ازديادا مطلقا فنقول: ورد التوقيف على أن الزيادة منتهى أربع سنين كما ورد في النقصان بمفهوم دلالة الإشارة.

  وفي أصول الأحكام قال المؤيد بالله قدس الله روحه: على أن الدلالة قد دلت على أن لبث الجنين في بطن امه إنما يكون باختيار القديم تعالى دون إيجاب الطبيعة.

(فصل) في انكحة الكفار:

  لا نحكم ببطلان أنكحة الكفار المماثلة لأنكحه الإسلام قطعا أو اجتهاداً. قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ}⁣[التحريم: ١١] الآية. فأضافها اليه. وقال تعالى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ٤}⁣[المسد] فأقتضت الإضافة الصحة والثبوت لما وافق في أحدهما دون ما خالف كنكاح المحارم ونساء الآباء، والجمع بين الأختين، والحكم على السواء ترافعوا إلينا ام لا، لكون ما خالف به أهل الأسلام منكرا يجب إنكاره فلا يجوز أن يقرهم على نكاح أكثر من أربع نسوة. قال الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}⁣[النساء: ٣] فدل حصر النكاح على أربع. وإجماع منعقد من السلف على ذلك.

  يؤيد ذلك ما في شرح التجريد: أخبرنا أبو بكر المقري: حدثنا الطحاوي: حدثنا خلاد بن محمد: حدثنا محمد بن شجاع عن يزيد بن هرون: حدثنا سعد ابن أبي عروبة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة كان تزوجهن في الجاهلية فقال له النبي ÷: «خذ منهن أربعا». فبين أن نكاحهن في الجاهلية وبأنه كان قبل استقرار الشرع وتحريم الجمع بين أكثر من أربع.