(فصل) [في حكم جواز النذر]
  محمد: يعني لا يلزمه كفارة لحديث النبي ÷ حين قال له الرجل: إني نذرت إن فتح الله علينا بيت المقدس أن اصلى فيه ركعتين قال: «صل ها هنا»» وفي الشفا وروى عن جابر أن رجلا قال يوم فتح مكة: إني نذرت إن فتح الله علينا مكة أن اصلي في بيت المقدس فقال ÷ «صل ها هنا فأعاد مرتين أو ثلاثا فقال النبي ÷ فشأنك» وهو في السنن لأبي داود وقال فيه: هذا الرجل قد كان أوجب على نفسه المشي إلى بيت المقدس بان نذر أن يصلي فيه ركعتين، والنبي ÷ لم يأمره بالوفا بما نذر به من ذلك بل خيَّره.
  دل ذلك على ان من نذر من القربة بما لا أصل له في الوجوب أنه لا يلزمه الوفاء على الوجه الذي نذره. وأما من نذر المشي إلى بيت الله الحرام: فله أصل في الوجوب وقد تقدم حكمه.
(فصل) [في حكم جواز النذر]
  فإن قلت قد تقدم من الأدلة ما يقضي بوجوب الوفاء بالنذر وما يقضي بحسن الثناء على من نذر بقربه وعلى من يفي به فما يقال فيما أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد بن الحرث انه سمع ابن عمر يقول أو لم ينهوا عن النذر إن رسول الله ÷ قال: «إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخره وإنما يستخرج بالنذر من البخيل» وفي رواية «نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل» وفي رواية للنسائي «عوض البخيل: الشحيح».
  فأجيب بأجوبة منها: ما أجاب به في النهاية لابن الأثير بما معناه انه قد تكرر في الأحاديث النهي عنه تأكيداً لأمره وتحذيراً من التهاون فيه بعد إيجابه، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أنه لا يَجُر في العاجل نفعاً، ولا يصرف ضرا، ولا يرد عنهم قضاء.