الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب من ينبغي أن يولى وصفة القاضي)

صفحة 28 - الجزء 5

(باب من ينبغي أن يولَّى وصفة القاضي)

  قد دل متقدم الأخبار على وجوب أن يكون مجتهداً لأنه لا يتوصل إلى العلم والعمل بالصواب في التروك والأفعال إلا من كان على الصفة الواردة في الأخبار بتقديم العمل بكتاب الله، ثم بالسنة، ثم بالإجماع ثم بالاجتهاد، والمجتهد، من يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها وأماراتها.

  وفي الجامع الكافي قال محمد: ينبغي للإمام أن لا يولي على القضاء إلا رجلا فقيها، ورعا، عفيفا عن أموال المسلمين، حليما اذا استجهل عاقلا، فطنا، وينبغي أن يكون عالما بما نطق به الكتاب، وحررته السنة من رسول الله ÷ وبما أجمع عليه المسلمون، ولا ينبغي أن يستقضي من كان في علمه مقصرا. أعني عن هذه الغاية

  قال في الأحكام: ولا ينبغي لأحد أن يطلب القضا ويسأله ويحرص عليه لأن خطره عظيم

  وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله ÷ قال: «من ولى القضا فقد ذبح نفسه بغير سكين» وهذه الرواية أخرجها أبو داود عن أبي هريرة وفي رواية الترمذي «من ولى القضا أو جعل واليا بين الناس فقد ذبح نفسه بغير سكين».

  وفي الجامع الكافي ولا ينبغي للامام أن يولي على القضا من يتهمه ولا من يسأله إياه، ولا من يشفع ويحرص عليه، لأن من كانت هذه صفته لن يكاد يخلو من أن يكون رجلا لا ورع له، ومثل ذلك لا ينبغي أن يولى ... الى أن قال: وروي بإسناده أي محمد عن أبي موسى، أن رجلا قال: يا رسول الله أمرني على بعض ما ولاك الله ø فقال: «إنا لا نولي هذا الأمر أحدا يسأله» وقال فيه: وينبغي للإمام إذا ولى قاضيا فشكره على ذلك وعدها صنيعة أن لا يجعله على قضا المسلمين، ويرتاد غيره من أهل العدالة.

  والذي بلغنا أن عليا # ولى طلحة والزبير وبعث إليها بعهدهما أحدهما على مصر والآخر على العراق فقالا للرسول الذي ادى العهد إليها. قل له: