الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [الدخول إلى الحرم بغير إحرام لقتال من قاتل جائز]

صفحة 30 - الجزء 3

  عليه ثم قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامراء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ÷ فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب» فقيل لابن شريح ماذا قال لك عمرو بن سعيد؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح. إن الحرم لا يعيذ عاصيا، ولا فارا بدم، ولا فارا بحرية. أي بلية: فمحمول على نسخ الحديث بالآية.

[القتال في الحرم ولإخراج البغاة المقاتلين]

  وأقول: أما المشرك فذلك جائز قتاله في الحرم لتأخر نزول سورة التوبة عن الفتح وأما قتال الباغي فلا يجوز قتاله في الحرم. إنما يحاط به ويقطع عنه المِيْرة حتى يخرج مهما لم يُقاتل، فإن قاتل في الحرم قوتل لقوله تعالى {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ}⁣[البقرة: ١٩١] الآية إلى قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}⁣[البقرة: ١٩٣].

  أخرج مسلم والنسائي: أن النبي ÷: «دخل يوم فتح مكة وعلى رأسه عمامة سودا بغير إحرام».

  وأخرج أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أنس أن النبي ÷: «دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المِغفر فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار البيت قال: اقتلوه» قال مالك: «ولم يكن رسول الله ÷ محرماً».

  قلت وبالله التوفيق ومن قال بوجوب الدم لمجاوزة الميقات الى الحرم فلتركه النسك لما رواه في الشفاء قال النبي ÷: «من ترك نسكاً فعليه دم».

  وأخرج مالك في موطئه عن ابن عباس ®: «من نسي شيئا من نسكه أو تركه مما بعد الفرائض فليهريق دماً» قلنا ومراده بالفرائض هي الإحرام، والوقوف، وطواف الزيارة، وقد ذكر معنى هذا الإمام زيد بن علي في المجموع.