(فصل)
  وجعلته بين ذوايبها، ونزل الوحي بذلك فأمر النبي ÷ عليا في جماعة، وقال: إن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها فلحقوها وقالوا لها: تخرجه فانكرت أن يكون معها شيء ففتشوا متاعها فلم يجدوه فسل علي # سيفه وقال: أخرجي الكتاب وإلا ضربت عنقك فأخرجته من ذوائبها، وخلوا سبيلها، ورجعوا به إلى النبي ÷. فدعا حاطبا وقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: والله ما كفرت أردت أن أتخذ عندهم يداً لأن أهلي بين أظهرهم وعلمت أن الله ينزل بهم بأسه، وإن كتابي لا يغنى عنهم، فقبل رسول الله ÷ عذره فقام عمر: فقال: دعني أضرب عنقه. فمنعه رسول الله ÷، وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي بألفاظ متقاربة مع زيادة ونقصان يسير لكن قالوا لما قال: عمر دعني أضرب عنقه. قال ÷: إنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}[الممتحنة: ١] الآية.
  وفي الحديث: يؤخذ أحكام متعددة أحدها: أن من أخذ مثل هذا الكتاب الذي فيه أسرار المسلمين وامتنع من تسليمه جاز قتله ولهذا قال ÷ إن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها من باب النهي عن المنكر.
(فَصْلٌ)
  فيا يؤخذ على الذميين التزامه وما نفعله ونلتزمه فيهم قال الله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}[التوبة] الآية دلت على وجوب قتال من هذه صفاته حتى يخرج عنها بالإسلام أو بإعطاء الجزية.
  وفي الشفا عن ابن عمر أن النبي ÷ قال «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده ولا يشرك به ويجعل الصغار والذلة على من خالف أمري»