الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 413 - الجزء 5

(فَصْلٌ)

  اختلف أئمة الآل سلام الله عليهم: هل يجوز قصد أهل الحرب الكفار والبغاة إلى ديارهم من غير إمام؟ فقال الإمام الهادي إلى الحق والمنصور بالله عبد الله بن حمزة @ أنه لا يجوز قصد البغاة إلى ديارهم إلا للامام الحق، العادل، لأنهم مالكون الدار والأموال التي هم فيها، وأما جواز قتالهم فلقول الله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩] فإذا فقد البغي عاد التحريم إلى أصله والأصل تحريم الإقدام على الدماء والاموال إلا بمبيح شرعي.

  وهو ترجيح القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد |.

  وكذلك قال الهادي وجماعة من أهل البيت $ كما رواه السيد أبوطالب عنهم أنه لا يجوز قصد أهل الحرب إلى ديارهم إلا لإمام حق.

  وقال الامام زيد بن علي ومحمد بن عبد الله النفس الزكية وأحمد بن عيسى والناصر للحق وأبو عبد الله الداعي كما رواه عنهم في الكافي: أنه يجوز قصد أهل الحرب إلى ديارهم.

  ووجه قولهم ما روى عن أمير المؤمنين # أنه قال: لا يفسد الحج والجهاد جور جاير، كما لا يفسد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غلبه أهل الفساد.

  وأقول كلام الهادي ومن معه قوي في عدم قصد أهل البغي إلى ديارهم إلا مع الإمام لقوة الدلالة على تحريم دمائهم وأموالهم. وكلام الامام زيد بن علي @ ومن معه قوي في جواز غزو أهل دار الحرب الى ديارهم ولو مع عدم الإمام لعموم قوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}⁣[التوبة: ٥] ولانه ثبت عن أقوام صالحين وعلماء عاملين أنهم حاربوا أهل دار الحرب ولو مع الفسقة ولم يحفظ عن